نظام “يوغند آمت” في ألمانيا.. هل يحمي الأطفال أم يستهدف الأسر المسلمة؟

19 فبراير 2022815 مشاهدةآخر تحديث :
نظام “يوغند آمت” في ألمانيا.. هل يحمي الأطفال أم يستهدف الأسر المسلمة؟

ألمانيا بالعربي

نظام “يوغند آمت” في ألمانيا.. هل يحمي الأطفال أم يستهدف الأسر المسلمة؟

تفخر ألمانيا وتتفاخر بنظامها الاجتماعي الذي لم يأت بين ليلة وضحاها بل كان نتاج التطور الذي حققته على جميع الأصعدة، ولا شك أن هذا النظام يولي أهمية خاصة للأطفال، ولذلك أنشأت مكتبا لرعاية الشباب يعرف باسم “يوغند آمت” (Jugendamt) له حق سحب حضانة الأطفال من ذويهم بدعوى تعرضهم للتعنيف أو الضرب أو التهديد أو كل ما يسبب لهم نوعًا من الرهاب الأسري.

وهذه القوانين يعلمها جيدًا الشعب الألماني، بل لا نغالي إن قلنا إن الألمان يلتزمون بالقوانين المختلفة، ولديهم معرفة بكل ما يتعلق بشؤون حياتهم من قوانين وأنظمة فضلًا عن ميزة الالتزام بها.

ومع موجة اللجوء التي تعرضت لها أوروبا السنوات القليلة الماضية، وكان النصيب الأكبر منها تجاه ألمانيا، تولدت مشكلات مختلفة عند اللاجئين، ومنها قضية سحب الأطفال من ذويهم من قبل “يوغند آمت” وربما كثير من الأسر التي تعرضت لذلك لا تعلم كيف وصل إليها “يوغند آمت” ولعل حادثة بسيطة جرت أمام ألماني بين أب وابنه الصغير أدت لأن يتم التبليغ بأنه يتعامل بشكل قاس مع أولاده مما أدى لسحب الطفل من والديه.

لماذا يُسحب الأطفال من ذويهم؟
ثمة أسباب تدعو “يوغند آمت” لسحب الأطفال من ذويهم، وإلحاقهم بأسر أخرى لمدة زمنية تحددها المحكمة، وتكون الأسرة التي تقبل برعاية الأطفال قادرة على ذلك، ولا يتم سحب الأطفال من ذويهم إلا إذا كانت هناك أسباب موجبة لذلك.

ويمكن أن تلخص الأسباب بعبارة “كل ما يعرض رفاهية الطفل للخطر” وهذا يعود تفسيره للمكتب ذاته، والحالات التي تصله غالبًا من خلال مراكز الشرطة أو المدرسة أو بلاغ من الجيران، أو بلاغ من الطفل تجاه ذويه، والقاسم المشترك لسبب السحب هو ادعاء تعرض الأطفال للعنف أو التهديد أو سوء معاملة الأهل.

أخذوا طفلي بسبب صورة
لا تتوقف مشاكل اللجوء على اللغة والإقامة والعمل والاندماج بالمجتمع، فثمة مشكلات أخرى قد لا يتم تسليط الضوء عليها، ومنها الرعب الذي يشكله “يوغند آمت” على أسر اللاجئين، لاسيما وأن ثمة اختلافًا بين ثقافتي مجتمع اللجوء ومجتمع اللاجئ.

وإحدى أغرب القصص وأشدها إيلامًا، ما ذكره اللاجئ السوري “بشار. ع. ش” للجزيرة نت، حيث يقول إنه جاء إلى ألمانيا نهاية عام 2015، وقبلها بأشهر قليلة “قام ابن اختي بسام. م، من باب الدعابة، بتعليق طفلي محمد وكان بعمر سنة ونصف السنة على باب البيت وصوره، عام 2017 حدث خلاف بيني وبين بسام هنا فاتصل بالشرطة وقدم لهم الصورة على أننا مهملون بالطفل ونعرض حياته للخطر”.

ويضيف بشار “لهذا السبب أصبح موظفو يوغند آمت يدخلون منزلي للاطمئنان على الطفل، واستمر الحال لسنتين، ثم قاموا بسحبه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بذريعة أن الطفل يحتاج عناية خاصة، أخذوه لأحد المراكز لمدة 11 شهرًا، وقد تعرض للضرب على رأسه من إحدى الموظفات وقد صورت طفلي بالفيديو وهو يروي ما جرى له، ثم نقلوه إلى مركز بمدينة قريبة كي يعيدوه لبيتي حسب قرار المحكمة، لكن تم تجاهل ذلك وتم نقله لعدة أماكن، وقد تعرض للتحرش الجنسي كما يقول، وقد أبرز تقريرًا عن ذلك صادرًا من مركز طبي”.
الطفل محمد والذي سحبه موظفو يوغند آمت بسبب تعرض رأسه لإصابة

أولادي يهددونني
لا أستطيع أن أوجه أولادي أو أضغط عليهم لأجل مصلحتهم، هكذا قال أبو محمد للجزيرة نت، وأضاف: جئت وأسرتي المكونة من زوجة و3 أطفال في برنامج التوطين قبل 6 سنوات من لبنان، ووجدنا كل ترحاب ومساعدة هنا.

ويضيف “التزم أطفالي بالمدارس وتعلموا الألمانية واندمجوا مع زملائهم، والآن تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاما، وكأي أب في مجتمعنا أحرص على أولادي وأدعوهم للصلاة وأطلب من ابنتي الحجاب، إلا أني فوجئت بأنهم يهددونني باللجوء للشرطة وهذا يعني تدخل يوغند آمت وحرماني منهم.

رأي مختلف
مشكلة اللاجئين أنهم لم يدركوا دور “يوغند آمت” فهو ليس لسحب الأطفال فقط، بل إن ثمة أمورًا جيدة تفيد منها الأسر بشكل عام ومنها برامج تربية الطفل، وكيفية التعامل مع الأطفال الذين لديهم مشكلة في الإدراك أو اللغة.

هكذا بدأ عبد المجيد عبيدات المستشار بشؤون اللاجئين حديثه للجزيرة نت، وأضاف أن الدولة الألمانية تؤمن للطفل كل شيء وتضع له راتبًا شهريًا، والغاية من ذلك أن ينمو بشكل جيد من حيث الرعاية والصحة ولا يشكل عبئًا ماديًا على أسرته، لذلك فإن الدولة ترى أن الطفل ابنها الذي ترعاه أسرته فإن فشلت في ذلك فلابد من تدخلها وإيجاد المناخ المناسب له.

أما ما تتعرض له بعض الأسر المهاجرة فذلك نتيجة اختلاف ثقافات، ففي مجتمعنا لدينا الصراخ على الطفل وتعنيفه أو تهديده إن لم يفعل ما يطلبه الوالدان، لكن هذا في ألمانيا يعد إساءة للطفل وقد يؤدي لمشكلات نفسية لديه مما يستدعي تدخل “يوغند آمت” بحسب المستشار عبيدات.

نمطان متعارضان
في محاولة لفهم التعارض بين قيم اللاجئ الأسرية والمجتمع الذي لجأ، توجهنا بهذا السؤال للمحامي ياسر عمر الفيصل فقال “لو شَخصنا بعضا مما نعانيه كأُسر لاجئة في ألمانيا لطفَت على السطح مشكلة رئيسة تتعلق بالأسرة بشكل عام، وتربية الطفل بشكل خاص. فثمة فارق بين تربية مجتمعنا الذي أُخرجنا منه قسرًا، والمجتمع الذي لجأنا إليه”.

وأضاف “ثمة نمطان متعارضان في التعامل، فالوالدان يتمتعان بقدسية لدينا سواء من حيث الدين أو الأعراف، في حين أن الأمر هنا مختلف تمامًا، حتى في النظم القانونية، فقانون الأحداث الجانحين السوري يُحمل الأب والولي المسؤولية المدنية إن ارتكب الحدث جرمًا، وليس كما يحصل هنا من بناء الطفل على أساس أنه يمضي نحو الاستقلال تمامًا عن أسرته وليس من حقها تعنيفه أو توجيهه بما لا يتماشى مع رغباته”.

ورغم رقي كثير من التشريعات في ألمانيا، ولا سيما في مجال الأسرة ورعايتها، فإنها تعمل على هدم الروابط الأسرية وإسقاط قيمة الأبوين تحت بند رفاهية الطفل، أو أنها تشجع بعض النساء على تدمير الأسرة تحت ذريعة الحرية وحقوق المرأة التي تتقدم على حقوق الرجل بمراحل كبيرة، كما يقول الفيصل.

المصدر: الجزيرة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة