ألمانيا بالعربي
بدأت عمليات ترحيل من إسبانيا لـ800 مهاجر قاصر من جيب سبتة إلى المغرب
بدأت السلطات الإسبانية في جيب سبتة شمال المغرب، الحدود البرية الأوروبية الوحيدة مع أفريقيا، عملية ترحيل لنحو 800 مهاجر قاصر غير مصحوبين بذويهم، كانوا قد وصلوا في أيار/مايو الماضي. تلك الخطوة أحدثت جدلا محليا حيث اعتبرت أحزاب إسبانية أن تلك الخطوة لا تتماشى مع القوانين الدولية والإسبانية. واعتبرت منظمة “سايف ذي تشيلدرن” (أنقذوا الأطفال) أن إسبانيا تنتهك حقوق المهاجرين القاصرين.
لم تزل قضية المهاجرين القاصرين في جيب سبتة الإسباني الواقع شمال المغرب تتفاعل، مع إعلان السلطات الإسبانية مؤخرا البدء بإعادة المئات من المهاجرين القاصرين المتواجدين في الجيب إلى المغرب.
القاصرون غير المصحوبين بذويهم وصلوا إلى الجيب في أيار/مايو الماضي، حينما شهدت الحدود تدفقا لآلاف المهاجرين، في مشهد غير مسبوق استدعى من السلطات الإسبانية جهوزيتها في سبتة وتشديد الرقابة على الحدود مع المغرب.
وكان لذلك المشهد أثر سلبي على العلاقة بين البلدين الجارين، حيث اتهمت مدريد الرباط باستغلال المهاجرين لمآرب سياسية، في حين كانت الرباط قد أعلنت عن غضبها من استقبال إسبانيا لإبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، لتلقي العلاج على أراضيها.
ونشرت صور وفيديوهات تظهر اقتحام المهاجرين حينها للسياج الفاصل، في وقت وقف فيه حرس الحدود المغربي جانبا يراقبون ما يحدث.
وكانت الداخلية الإسبانية أمرت باستئناف عمليات الترحيل في العاشر من آب/أغسطس الجاري. الأمر الذي أكده مسؤول في حكومة سبتة المحلية، فضل عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الأنباء الفرنسية.
صحيفة “إل فارو دي سيوتا” المحلية نشرت يوم الجمهة الماضي صورا لمهاجرين قاصرين، ترافقهم قوات من الشرطة، متجهين إلى الحدود مع المغرب.
ردود فعل مستنكرة لعمليات الترحيل
وفي رد فعل أولي على عمليات الإعادة، ناشدت منظمة “سايف ذي تشيلدرن” (أنقذوا الأطفال) الأممية السلطات الإسبانية وقف تلك العمليات، متهمة إياها بعدم احترام ومراعاة حقوق هؤلاء الأطفال.
وفي تغريدة على تويتر قالت المنظمة إن “عمليات الترحيل من سبتة تتواصل اليوم”، مطالبة بـ”وضع حد” لها، معتبرة أن “إسبانيا لا تؤمن الحماية للقصر”.*
وحثت “سايف ذي تشيلدرن” السلطات الإسبانية على تقييم احتياجات كل طفل وعدم ترحيلهم في مجموعات. وأوردت أنه وفقا لبياناتها، حوالي ربع الأطفال المهاجرين الذين قابلتهم في سبتة عانوا من سوء المعاملة في وطنهم.
أما منظمة العفو الدولية طلبت من المدعين العامين النظر في سلوك الحكومة الإسبانية بشأن إعادة المهاجرين القاصرين.
قرار الترحيل لاقى أصداء داخلية أيضا، حيث انتقدت إيوني بيلارا، رئيسة حزب بوديموس، الشريك الأصغر في الحكومة الائتلافية في إسبانيا، عمليات الترحيل.
وفي رسالة وجهتها إلى وزير الداخلية فرناندو غراندي-مارلاسكا ونشرتها صحيفة “إل كونفيدنسيال” اليومية، قالت بيلارا “لقد تبلّغنا بواسطة منظّمات تعنى بالأطفال وتنشط ميدانيا بأن ترحيل القاصرين قد بدأ”.
وتخوّفت بيلارا من “عدم مراعاة” عمليات الترحيل للقوانين الإسبانية والدولية.
“عمليات الإعادة ليست طردا”
دافع وزير الداخلية الإسباني الإثنين عن قرار إعادة المهاجرين القاصرين غير المصحوبين إلى المغرب قائلا إنهم “يريدون العودة إلى بلادهم”، مستبعدا اتهامات جماعات حقوقية وإنسانية بأن عمليات الإعادة تلك تنتهك القانون الدولي.
وصرح الوزير فرناندو غراندي مارلاسكا لمحطة “راديو كادينا سير” المحلية أن إعادة الأطفال من جيب سبتة “ليست طردا”، مضيفا أن القاصرين المستضعفين ليسوا من بين العائدين ومشددا على أن “مصلحة الطفل مكفولة”.
وإسبانيا ملزمة قانونا برعاية المهاجرين القاصرين إلى أن يتم تحديد مكان أقاربهم أو حتى بلوغهم سن 18 عاما، لكن مارلاسكا أشار إلى اتفاق عام 2007 بين إسبانيا والمغرب الذي يتيح إعادتهم.
نزاع سياسي
وأُعيد العديد من المهاجرين إلى المغرب بعد وقت قصير من وصولهم في أيار/مايو الماضي، مع بقاء نحو 2,500 في سبتة، بحسب مصادر محلية
وكان ما يصل إلى 10 آلاف مهاجر قد عبروا الحدود إلى سبتة خلال أيام عدة في أيار/مايو دون أن يتصدى لهم حرس الحدود المغاربة.
واعتبر سلوك السلطات المغربية حينها ردا انتقاميا على قرار إسبانيا استقبال زعيم جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب “بوليساريو” إبراهيم غالي لتلقي العلاج إثر إصابته بفيروس كورونا.
ويدور نزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر حول الصحراء الغربية التي تصنفها الأمم المتحدة بين “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”، منذ رحيل إسبانيا القوة الاستعمارية السابقة عام 1975.
وتطالب بوليساريو بإجراء استفتاء حول تقرير المصير في الصحراء الغربية أقرّته الأمم المتحدة، في حين يقترح المغرب الذي يسيطر على ثلثي هذه المنطقة الصحراوية منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته.