ألمانيا بالعربي
مهاجرون سوريون في ليبيا بمراكز الاحتجاز.. تعذيب وابتزاز وسوء تغذية
شهدت ليبيا في الأيام الأخيرة ارتفاعاً في أعداد السوريين الوافدين إليها بهدف الهجرة لأوروبا. معظم هؤلاء يصلون على نحو شرعي من مطار دمشق أو مطار بيروت إلى مطار بنغازي، ومنه لطرابلس. منهم من يتم اعتقالهم إما قبيل رحلة الهجرة أو في البحر، وتتم إعادتهم إلى البر حيث يحولون إلى مراكز الاحتجاز. ظروف احتجازهم وصفها بعضهم بالمزرية للغاية، تعذيب وابتزاز وسوء تغذية، فضلاً عن الآفاق المغلقة والمستقبل المنعدم الملامح.
“أنقذوا السوريين من السجون الليبية. جوع وتعذيب وموت من قلة الطعام… وابتزاز وطلب مبالغ كبيرة لإخراجهم…”، هذا كان جزء من رسالة وصلت إلى ألمانيا بالعربي تتحدث عن أوضاع المهاجرين السوريين المأساوية في مراكز الاحتجاز في ليبيا.
نحو 800 مهاجر سوري، موزعين على عدد من السجون، أهمها الزاوية وغوطة الشعال، يشتكون سوء المعاملة والتعذيب والحرمان من الحقوق، فضلا عن الإهانات ومطالبتهم بالدفع من أجل الخروج.
مؤخرا، ارتفعت أعداد السوريين الواصلين إلى ليبيا بقصد الهجرة. معظمهم وصلوا إلى البلاد بشكل شرعي، من مطار دمشق إلى مطار بنغازي، أو من مطار بيروت إلى مطار بنغازي. تكلفة الرحلة رخيصة نسبيا إذا ما قورنت بالمبالغ التي سيكون عليهم دفعها للوصول إلى تركيا ومنها إلى أوروبا والتي قد تفوق مبلغ الـ15 ألف يورو، مع أن مخاطرها أكبر.
الملاحظ أيضا، أن معظم السوريين الوافدين حديثا أتوا من منطقة درعا، ومعظم هؤلاء من مدينة نوى. من يتم ضبطه في ليبيا، سواء عند الحواجز أو في البحر في قوارب الهجرة، يتم إيداعهم مراكز الاحتجاز.
بالنسبة إلى العائلات، تستمر فترة الاحتجاز لمدة أقصاها 12 ساعة، أما العازبين فمصيرهم السجن. ويعتبر كل من سجن غوطة الشعال وسجن الزاوية أكثر مركزين يتم تحويل هؤلاء المهاجرين إليهما.
اعتقال على الحواجز أو في البحر
عبد الله*، مهاجر سوري متواجد في طرابلس، روى لألمانيا بالعربي قصصا مروعة عما يحصل في سجن غوطة الشعال، قال “المعاملة سيئة للغاية، التعذيب دائم والضغط النفسي والمعنوي على المهاجرين وأهاليهم هائل”.
يقول عبد الله إن المسؤولين عن السجن يصادرون كل شيء من المهاجرين لحظة وصولهم، حتى هواتفهم الخلوية، “يتصلون بعائلات المهاجرين ويطالبونهم بمبالغ مالية من أجل الإفراج عن أبنائهم. لدي أقارب في غوطة الشعال قالوا لي البارحة إن شخصا فقد نظره بسبب قلة الغذاء، كما أن الظروف الصحية العامة هناك معدومة تماما”.
وكان ألمانيا بالعربي قد وثق في وقت سابق عددا من الشهادات حول ذلك السجن، المقسم إلى مهاجع مسقوفة بالمعدن (زينكو)، تتحول خلال النهار إلى أفران حقيقية يستحيل البقاء بداخلها.
يعود عبدالله ليسرد قصة وصول المهاجرين إلى طرابلس، “بعد الوصول إلى بنغازي، عليك التواصل مع شخص يعرف الطريق جيدا، ويمكنه التعامل مع عناصر الحواجز الأمنية المتواجدة على الطريق، وإلا ستجد نفسك بمواجهة مسلحين سيسيئون معاملتك ويصادروا حاجياتك وربما سيعتقلونك ويودعوك أحد السجون”.
“في طرابلس، يودع المهربون المهاجرين في شقق خاصة، قد تصل أعدادهم إلى 60 وأكثر، بانتظار موعد الرحلة التي غالبا ما تنطلق من صبراتة أو الزاوية. وقد تطول مدة الانتظار لشهرين وفقا لظروف الرحلة وشروطها”.
حتى في تلك الشقق المهاجرون ليسوا بأمان، فقد تحصل مداهمات فجائية ويتم اعتقال الجميع، “هذا ما حصل مع أقارب لي”، يقول عبد الله، “داهموا الشقة وأودعوا الجميع سجن غوطة الشعال”.
“هياكل عظمية”
الأوضاع في سجن أوسليم أيضا ليست مختلفة. المهاجرون السوريون وغيرهم يبيتون في مهجع كبير مسقوف بالمعدن، أدنى الشروط الصحية غير متوافرة فيه. بعضهم يتم استغلالهم بأعمال سخرة لصالح المسلحين المسؤولين عن السجن. آخرون يطالبون بالدفع، من يرفض مصيره التعذيب.
مهاجر آخر من درعا، فضل عدم الكشف عن هويته، مر بتجربة الاحتجاز في سجن أبو سليم. يقول “40 يوما قضيتها في ذلك السجن إلى أن تمكن أهلي من تحويل مبلغ (نحو ألف يورو) للمسلحين. تم اعتقالنا في البحر بعد أن انطلقنا من زوارة. خفر السواحل شهروا علينا الأسلحة، ضربونا، أهانونا، وسلمونا في النهاية إلى مسلحين في طرابلس نقلونا للسجن”.
المهاجر قال إن الأشخاص في السجن “هياكل عظمية. التغذية شبه معدومة. ما من أحد مهتم بهم”.
وختم قائلا “الجميع تجار. المهربون يبيعونا لخفر السواحل، وهؤلاء يبيعونا للمسؤولين عن السجون. هي دائرة نحن المهاجرون ضحاياها الوحيدين”.