ألمانيا بالعربي
دمشق آمنة.. دولة أوروبية تستعد لترحيل دفعة جديدة من اللاجئين السوريين
وصلت نيفين رحال (33 عامًا) إلى مدينة روسكيلده في الدنمارك، بعد فرارها من سوريا، لتعرضها لتهديد شخصي بسبب معارضتها للنظام السوري.
وجاء رفض تمديد إقامة نيفين الإنسانية في الدنمارك، في تشرين الأول من عام 2020، بحجة انتمائها لمدينة دمشق التي صنفتها الحكومة الدنماركية على أنها “منطقة آمنة”.
قالت نيفين لعنب بلدي، الأربعاء 14 من نيسان، “لم يكترث المحقق الذي قابلني لأي مما ذكرته بخصوص الخطر المحتم على حياتي في حال عودتي إلى دمشق، بل انشغل بقراءة تقرير يقضي بأن منطقة دمشق وما حولها آمنة للعودة”.
وتابعت نيفين أن المحقق صار يسرد حججًا للعودة، منها إرسال لجنة أممية كانت قيمت أن الأعمال القتالية انتهت في سوريا، وانخفاض عدد الحواجز الأمنية بشكل كبير، ووجود البطاقة الذكية الذي ساعد الناس على تأمين مستلزماتهم، كما تحدث عن إمكانية توجهها إلى السفارة السورية في السويد لإجراء تسوية وضع أمني مع حكومة النظام.
قررت الحكومة الدنماركية إلغاء تصاريح إقامة 94 لاجئًا سوريًا في عام 2020، وتعهدت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، بسحب المئات من تصاريح الإقامة للاجئين السوريين المقيمين في الدنمارك، وإعادتهم إلى سوريا في الأشهر المقبلة.
على اللاجئين السوريين العودة إلى بلادهم
وأكدت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، في 13 من نيسان، مساعي إعادة اللاجئين السوريين، بقولها، “بالطبع يجب إعادة السوريين إلى ديارهم”، بحسب ما أفادت الصحيفة الدنماركية “Jyllands-Posten“.
وأضافت فريدريكسن، “إذا كنت لاجئًا، فهذا لأنك بحاجة إلى الحماية، وإذا اختفت هذه الحاجة لأنك لم تتعرض للاضطهاد الفردي أو لعدم وجود ظروف عامة تتطلب الحماية، فيجب عليك بالطبع العودة إلى البلد الذي أتيت منه”.
ومن المقرر أن تلغى تصاريح إقامة مئات اللاجئين السوريين، خلال الفترة المقبلة، بحسب فريدريكسن.
قدرت الدنمارك أن العديد من المناطق حول العاصمة السورية دمشق، صارت الآن آمنة بما يكفي لعودة اللاجئين إلى ديارهم، وبالتالي تلغي تصريح إقامة السوريين من هذه المناطق.
وسأل رئيس حزب الشعب الدنماركي، كريستيان ثولسن دال، رئيسة الوزراء الدنماركية، فيما إذا كان توافقه على ضرورة إعادة اللاجئين إذا اعتُبر وطنهم آمنًا، وردت بأنها ترى ذلك “منطقيًا جدًا بقدر ما هو واضح”.
وتابعت بأنه يجب على اللاجئ أن يستغل الاستراحة والسلام والكفاءات الممكنة التي اكتسبها في الدنمارك لبناء وطنه سوريا، وأن هذا النهج يجب أن “يكون الأساس لسياسة اللاجئين الدنماركية منذ البداية”.
لكن رئيسة الوزراء أكدت في الوقت نفسه عدم تعاون الدنمارك مع حكومة النظام السوري، وعليه لا يمكن أن تتم الإعادة الفعلية إلى الوطن، وسيتعين على الأشخاص الذين ألغيت تصاريح إقامتهم المكوث في مراكز المغادرة.
أصدرت السلطات الدنماركية عام 2019، تقريرًا جاء فيه أن الوضع الأمني في بعض أجزاء سوريا “تحسن بشكل ملحوظ”، واستخدم التقرير كمبرر لبدء إعادة تقييم مئات تصاريح الإقامة الدنماركية الممنوحة للاجئين السوريين من العاصمة دمشق والمنطقة المحيطة بها.
قالت رئيسة الوزراء فريدريكسن، في كانون الثاني الماضي، للبرلمان، إنها لا تريد أن يأتي أي طالب لجوء على الإطلاق إلى الدنمارك.
تحرك لتخويف اللاجئين من الدنمارك
قالت رئيسة مجموعة الدعوة الدنماركية “مرحبًا باللاجئين”، ميشيلا بنديكسن، في 11 من نيسان الحالي، “لدينا تعبير جديد الآن بين المهاجرين يسمى: “العلامة التجارية السلبية للأمة”.
تحاول هذه السياسية “تخويف الناس بعيدًا عن الدنمارك، عن عمد، من خلال سرد قصص عن مدى سوء الحياة كطالب لجوء هنا”، بحسب رئيسة المجموعة الدنماركية، التي تضيف أن السياسة تركز “على أي مدى ستكون حقوقك محدودة للغاية إذا تم منحك حق اللجوء، وأنه يجب ألا تشعر أبدًا بالأمان أو تفكر في تأمين مستقبلك هنا، لأنه حتى لو كنت من المحظوظين الذين حصلوا على حق اللجوء، فسيتم طردك عاجلًا أم آجلًا”.
وترى بنديكسن أن الدنمارك تتحرك في هذا الاتجاه منذ سنوات، لكن أحدث التحولات المتعلقة بالهجرة، كانت جزءًا من محاولات حكومة يسار الوسط، التي جرى التصويت عليها في عام 2019، لاستعادة الأصوات الشعبوية من أقصى اليمين.
ويشار إلى المتغيرات على أنها “نقلة نوعية”، وتشكل أيضًا أساس الجدل الدائر حول إعادة الأطفال الدنماركيين من النساء اللواتي انضممن إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”، والذين تقطعت بهم السبل الآن في المخيمات الواقعة تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” في شمال شرقي سوريا.
وبحسب بنديكسن ساعدت هذه الاستراتيجية الاشتراكيين الديمقراطيين سياسيًا، ولكنها تضع الدنمارك أيضًا على حافة الهاوية عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي الإنساني.
المنظمات في المرصاد
انتقدت منظمات أممية وإنسانية عدة موقف الدنمارك وطالبت الحكومة الدنماركية بالعدول عن موقفها بشأن اللاجئين، كـ “منظمة العفو الدولية” والأمم المتحدة
وقال عضو البرلمان الألماني السابق جمال قارصلي، في حديث سابق لعنب بلدي، مطمئنًا اللاجئين السوريين في أوروبا بشأن الترحيل، أن الأحزاب المتطرفة بعيدة عن تسلّم الحكومات، وهي موجودة في كل الدول، وفي حال استطاعت التأثير على الحكومات، فإن المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني لن يترك هذه الأحزاب تمارس تطرفها ضد اللاجئين.
وأضاف قارصلي أن الأحزاب اليمينية تحاول الاصطياد بالماء العكر، وارتفعت أسهمها ودخلت البرلمانات الأوروبية على ظهر اللاجئين، وهي الآن تعتبر اللاجئين ورقة للمساومة، ولا سيما مع النظام السوري المخنوق من المقاطعة والعقوبات، وهو ما فشل عندما زار حزب ألماني مدنًا سورية في محاولة لإظهار بأن سوريا بلد آمن.
توزع اللاجئين السوريين حول العالم
واتبعت الدنمارك واحدة من أكثر سياسات الهجرة تقييدًا في أوروبا، والتي واصلتها رئيسة الوزراء الدنماركية من الحزب “الاشتراكي الديمقراطي”، ميت فريدريكسن، منذ وصولها إلى السلطة في حزيران 2019.
وتصنَّف الدنمارك من الدول الموقعة على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تمنع ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إذا تعرضوا لخطر التعذيب أو الاضطهاد في بلدانهم الأصلية.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين في الدنمارك 21 ألفًا و980 لاجئًا، بحسب الموقع الرسمي للاتحاد الأوروربي.