خفايا اجتماع أنقرة… المخابرات التركية تفرض على قادة الجيش الوطني (منع التواصل)
تركيا بالعربي
كشف تقرير نشرته مصادر إعلام سورية، حول شرط فرضته المخابرات التركية على قادة الفصائل، وذلك خلال الاجتماع الأخير الذي جرى بين قادة الفصائل وبين ممثلين عن جهاز المخابرات في عنتاب الأسبوع الماضي.
وبحسب تقرير لـ”أورينت نت“، فقد أكدت مصادر دقة ما ورد في هذه التسريبات والشروط المفروضة على قادة الفصائل، مشيرة إلى أن هذه البنود لم تكن نتيجة نقاش أو مداولات، بل تم إملاؤها بشكل كامل على ممثلي الفصائل.
أجواء الاجتماع
الاجتماع الذي حضره قادة جميع التشكيلات التي يتكون منها الجيش الوطني لم يدم أكثر من ٤٠ دقيقة، حيث طُلب من القادة الدخول إلى القاعة قبل وصول الوفد التركي، الذي يرأسه مسؤول رفيع في جهاز المخابرات يشرف على الملف السوري، بينما تجنب ممثلو الفصائل المتحاربة مؤخراً الجلوس بأماكن متقاربة أو تبادل التحية فيما بينهم.
وضم وفد الفصائل كلاً من حسام ياسين قائد الفيلق الثالث، و”أبو همام البويضاني” عضو مجلس شورى الفيلق، وفهيم عيسى قائد فرقة السلطان مراد، وسيف أبو بكر قائد فرقة الحمزة، ومحمد الجاسم (أبو عمشة) قائد فرقة السلطان سليمان شاه، وأبو حاتم شقرا ممثلاً عن الفيلق الأول، بالإضافة إلى “أبو حيدر” القيادي بالفرقة ٣٢ ( أحرار الشام/القاطع الشرقي) المنضوية في الفيلق الثالث.
وحسب المصادر فإن ممثل جهاز المخابرات التركية المعروف باسم (أبو سعيد) أكد منذ اللحظة الأولى لدخوله القاعة، أن اللقاء غير مخصص للنقاش أو المداولات، وأن المطلوب من ممثلي الفصائل الاستماع فقط، مؤكدة أن الاجتماع لم يكن ودياً على الإطلاق، لكنه لم يشهد توتراً أو لهجة قاسية من الجانب التركي رغم الحزم الواضح.
أبرز النقاط
تقاطع المعلومات بين عدة مصادر تم التحدث معها بهذا الخصوص، أكد أن النقطة الرئيسية التي ركز عليها “أبو سعيد” هي نفي أي علاقة للمخابرات التركية بهجوم هيئة تحرير الشام على منطقة غصن الزيتون أو غيرها، وشدد على أن أي قيادي تحدث عن ذلك سوف تتم مساءلته، مستدركاً بالسؤال: بغض النظر عن صحة هذا الادعاء من عدمه، أين هم مقاتلوكم الذين يعدون بالآلاف ويتم تسليمكم الملايين شهرياً من أجل إعدادهم ودفع رواتبهم؟.. لماذا لم يتصدوا لهذا الهجوم ويمنعوا الهيئة من دخول عفرين؟!
كف يد الفصائل
النقطة الثانية التي أكد عليها الجانب هو قرار حاسم بكف يد الفصائل بشكل نهائي عن الملفات المدنية في الشمال، وتمكين مؤسسات الحكومة المؤقتة والمجالس المحلية من القيام بدورها بهذا الصدد، مع إغلاق كافة السجون والمعتقلات الخاصة بالفصائل، وحصر دور الإدارات الأمنية فيها بملف الإرهاب فقط، على أن يتم تحويل كافة المتهمين إلى القضاء.
وفي هذا السياق أبلغ “أبو سعيد” قادة الفصائل بتأسيس صندوق موحد تصب فيه جميع واردات المنطقة، سواء من المعابر أو المساعدات الخارجية أو الرسوم والضرائب، من أجل توزيعها على المؤسسات الخدمية والإدارية التي تعمل في مناطق سيطرة الجيش الوطني.
المجلس الإسلامي مرجعية فقط
وغير بعيد عن ذلك شدد الجانب التركي على أنه لن يكون هناك بعد اليوم أي دور لأطراف غير مختصة بحل النزاعات أو التدخل بين الفصائل، مركزاً بشكل واضح على المجلس الإسلامي السوري الذي وصفه بأنه مرجعية دينية للفصائل والسكان ليس أكثر، مؤكداً أنه لن يسمح من الآن فصاعداً بتشكيل لجان مهمتها التحكيم في أي خلاف فصائلي، وأن الجهتين المعنيتين بذلك هما وزارة الدفاع والقضاء العسكري فقط.
لجنة رباعية
وفي هذا الصدد استغرب المتحدث التركي خلال الاجتماع إطلاق جهات متعددة مبادرات لدمج فيالق الجيش الوطني أو تشكيل قيادة عسكرية موحدة وغير ذلك من هذه الطروحات، متسائلاً: لماذا لدينا إذن وزارة دفاع وفيالق ومؤسسات؟
لكن “أبو سعيد” كشف عن التوجه لتشكيل لجنة رباعية مهمتها التواصل بين قادة الفصائل بهدف التنسيق، وقد رجحت مصادر أورينت أن تتألف اللجنة من وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة وممثل عن الائتلاف بالإضافة إلى عضوين أتراك، هما المسؤول عن منطقة درع الفرات والمسؤول عن منطقة غصن الزيتون.
التواصل الخارجي
اللافت أيضاً كما تقول المصادر أن الجانب التركي شدد خلال الاجتماع على رفض أي تواصل خاص يقوم به أي قيادي أو فصيل من فصائل الجيش الوطني مع أي دولة أو جهة خارجية دون علم أنقرة أو من خلالها.
وبينما يسود اعتقاد أن سبب طرح هذه النقطة هو الحديث الذي يدور على سعي أطراف في الفيلق الثالث لفتح علاقات مع الأمريكان، تؤكد مصادر “أورينت” أن السبب الحقيقي هو عودة قطر للعب دور أكبر في ملف الفصائل والشمال.
ورغم أن هذه العودة القطرية تجري بالتنسيق بين الدوحة وأنقرة وتمت بموافقة من الحكومة التركية، إلا أنه وكما يبدو فإن الأتراك يريدون البقاء مطلعين على كل التفاصيل مهما كانت صغيرة.
عودة قطر
وحسب المعلومات التي حصلت عليها “أورينت نت” فإن الجانب التركي طلب من القطريين خلال الزيارة قبل الأخيرة للأمير تميم بن حمد آل ثاني إلى تركيا في أيار/مايو الماضي، المساعدة بشكل أكبر في مشاريع الاسكان والتنمية التي تنوي تركيا تنفيذها بالشمال السوري، تمهيداً لإعادة مئات آلاف السوريين الموجودين في تركيا إلى هناك قبل الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في حزيران/يونيو ٢٠٢٣، بالإضافة إلى المساهمة في إدارة ملف المعارضة السورية بشكل كامل لتخفيف الأعباء عن أنقرة بهذا الخصوص.
المصادر أكدت أن أمير قطر وافق على الطلب التركي وأوعز بالعمل مع المكلفين من جانب أنقرة على ذلك، حيث تم الاتفاق على خطة المشروع التي ستكون جاهزة للتطبيق في حد أقصى نهاية العام الجاري، ولذلك فإن المخابرات التركية تريد من خلال تحذير الفصائل من التواصل الخارجي، كما ترجح المصادر، أن تقطع الطريق على أي تفكير من قبل القادة بالتواصل مع القطريين بشكل مباشر.
المحاسبة
المصادر التي أكدت على أنه لن يكون هناك أي محاسبة لأي فصيل أو قيادي على خلفية الاقتتال الأخير في الشمال، مقابل التشديد على أن أي اقتتال جديد سيتم التعامل معه بحزم وسيدفع ثمنه المتسببون به بشكل حازم، وذلك بهدف ضمان الاستقرار في مناطق سيطرة الجيش الوطني من الآن فصاعداً، كشفت في الوقت نفسه عن لقاءات أخرى سيتم عقدها بين جهات تركية أخرى وبين ممثلي الفصائل.
وحسب المعلومات فقد تم توجيه الدعوة لقادة فصائل المعارضة للتوجه إلى أنقرة خلال الأيام القريبة القادمة، على أن تكون اللقاءات فردية ويخصص لممثل كل تشكيل أربعين دقيقة يتم خلالها الاستماع لوجهة نظره بخصوص المرحلة القادمة، مرجحة أن تعقد هذه اللقاءات مع ممثلين عن وزارتي الداخلية والدفاع التركيتين.
الثابت حتى الآن أن ما تم إبلاغه لممثلي فصائل الجيش الوطني في اجتماع عنتاب هي الخطوط العريضة لخطة إصلاح الشمال التي تنوي تركيا تنفيذها، وهي بنود من الواضح أنها تمثل أفكاراً عامة ولا يمكن اعتبارها قرارات، في وقت أجرت فيه أنقرة لقاءات أخرى مع ممثلين عن فصائل الجبهة الوطنية للتحرير وأبرزها فيلق الشام وحركة أحرار الشام، أما بنود الخطة التركية الرسمية فلم يتم الإعلان عنها بشكل صريح.