“بلومبرغ”: أمام ألمانيا أشهر قليلة لتتجنب الكارثة التي ستحل عليها

4 أغسطس 2022551 مشاهدةآخر تحديث :
“بلومبرغ”: أمام ألمانيا أشهر قليلة لتتجنب الكارثة التي ستحل عليها

ألمانيا بالعربي
“بلومبرغ”: أمام ألمانيا أشهر قليلة لتتجنب الكارثة التي ستحل عليها

وكالة “بلومبرغ” أمام أوروبا فرصة أخيرة للخروج من أزمة نقص الغاز وارتفاع أسعاره، وقد أشارت في مقالها إلى أنّ ألمانيا لم يَعُد لديها كثير من الوقت لتضيّعه.

وكالة “بلومبرغ”، تنشر مقالا مطولا تكشفت فيه عن المهلة الأخيرة أمام أوروبا للخروج من أزمة نقص الغاز وارتفاع أسعاره في الشتاء المقبل، ووضحت السياسة الألمانية حيال ذلك.

وجاء في المقال أنّ السياسات غير الحاسمة من جانب المستشار الألماني، أولاف شولتس، وبطأه في تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية هي ما أدّى إلى مثل هذا الوضع المؤسف.

وتابعت “بلومبرغ”: “تضطر المدن الآن إلى فرض القيود على المواطنين، فلم يعد القصر الرئاسي في برلين مضاءً في الليل، وأوقفت مدينة هانوفر المياه الساخنة في حمامات السباحة والصالات الرياضية، وتقوم البلديات في جميع أنحاء البلاد بإعداد الملاجئ مع المدافئ لحماية الناس من البرد، وتلك فقط مجرد بداية الأزمة التي سوف تجتاح أوروبا”.

وأشارت “بلومبرغ” إلى أنّ “ألمانيا لم يَعُد لديها كثير من الوقت لتضيّعه لتجنّب نقص الطاقة، غير المسبوق بالنسبة إلى دولة متقدمة، هذا الشتاء. وعلى الرغم من أن جزءاً كبيراً من أوروبا يشعر بالضغط الناجم عن خفض روسيا لإمدادات الغاز الطبيعي، لا توجد دولة أخرى معرّضة للخطر مثل أكبر اقتصاد في المنطقة، إذ يعتمد ما يقرب من نصف المنازل على الوقود للتدفئة.

وصرّح نائب المستشار الألماني ووزير الاقتصاد، روبرت هابيك، بأنّ التحديات التي تواجهها البلاد “هائلة، وتؤثر في مجالات مهمّة من الاقتصاد والمجتمع”، لافتاً إلى أنّ “ألمانيا دولة عتيدة وديمقراطية وقوية، وتلك عناصر جيدة للتغلب على هذه الأزمة”.

وذكرت “بلومبرغ” أنّ آفاق تقنين استخدام الغاز والركود تلوح بالنسبة إلى ألمانيا، إذ أعربت السلطات عن قلقها بشأن الاضطرابات الاجتماعية، إذا خرج نقص الطاقة عن السيطرة، مشيرةً إلى أنّ ألمانيا لا يمكنها حتى الاعتماد على فرنسا، التي تؤدي فيها المفاعلات النووية المتهالكة إلى تفاقم الأزمة، وقد ارتفعت أسعار الكهرباء في أكبر اقتصادين في أوروبا إلى مستويات قياسية الأسبوع الماضي.

ولتخيّلِ مدى سوء أزمة الطاقة في أوروبا، “يتعين علينا فقط أن ندرك أنّ أسعار الطاقة الألمانية الآن أصبحت ما يعادل 600 دولار لبرميل النفط”.

ووفق “بلومبرغ” جاءت الخطوة الأحدث لروسيا، الأسبوع الماضي، “لتزيد الطين بلّة، عندما قامت شركة “غازبروم” الروسية ونتيجة مشكلة التوربينات خفض تدفق الغاز عبر “السيل الشمالي-1″ إلى حوالى 20% من طاقته. ليتسبب ذلك في ارتفاع أسعار الغاز أكثر من 30% الأسبوع الماضي، ولتحطم أسعار الكهرباء الرقم القياسي تلو الآخر”.

ووفقاً لمعهد كولونيا للأبحاث الاقتصادية، فقد تسببت الزيادة في التكلفة، والتي سترتفع بجدية هذا الخريف، إلى الضغط على الفقراء، وإلى انزلاق حوالى واحد من كل أربعة ألمان بالفعل إلى مستوى فقر الطاقة، ما يعني أن تكاليف التدفئة والإضاءة قد أصبحت تؤثر في تغطية النفقات الأخرى. وتعمل الحكومة على برامج مساعدة للأسر ذات الدخل المنخفض.

كذلك فإنّ موجات البرد في جميع أنحاء أوروبا وآسيا ستجبر شركات الطاقة على القتال من أجل الإمدادات المحدودة بالفعل من الغاز الطبيعي المسال، ما قد يدفع إلى ارتفاع الأسعار كذلك، وسيدفع نحو تدمير حوالى 17% من الطلب الصناعي على الوقود.

وصرّحت محللة الأبحاث في شركة “وود مكينزي المحدودة”، بيني ليك، بأنه “إذا ظلت تدفقات السيل الشمالي عند 20% فنحن نقترب من منطقة الخطر”.

وأظهر مسحٌ شمل 3500 شركة ألمانية أنّ 16% من الشركات الصناعية تفكر في خفض الإنتاج أو التخلي عن عمليات معينة بسبب أزمة الطاقة، من بينها شركة “باسف” العملاقة للكيمياويات، التي تخطط لخفض الإنتاج الكثيف لغاز الأمونيا، وهو مكوّن رئيسي للأسمدة، بعد ارتفاع التكاليف، الذي جعل الأعمال غير مربحة.
كذلك تخطط الشركة لتحويل إنتاج الطاقة والبخار جزئياً في موقعها الرئيسي في لودفيغ شافن إلى زيت الوقود، ما سيساعد على تحرير الغاز لإعادة بيعه إلى الشبكة.

وأضافت “بلومبرغ” أنّ صندوق النقد الدولي يقدّر أنّ ألمانيا معرّضة لخطر فقدان 4.8% من الناتج الاقتصادي إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز، وقد قدر البنك المركزي الألماني الضرر المحتمل عند 220 مليار يورو. في حين أنه من المؤكد أنها سوف تكون ضربة مؤلمة، فإن الخوف في ألمانيا هو أن ذلك سيسبب خسارة هيكلية في القدرة التنافسية للبلاد.

بل ومن المرجّح أن تنجذب الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة إلى مناطق ذات موارد طاقة متجددة موثوقة مثل الساحل الألماني، أو المناطق الغنية بالطاقة الشمسية على البحر الأبيض المتوسط، ما قد يؤدي إلى تفريغ مناطق صناعية على طول نهر الراين وجنوب ألمانيا.

ووفقاً لمسؤول تنفيذي كبير في إحدى الشركات الألمانية الكبرى، فإنّ بعض المسؤولين التنفيذيين يرجحون أن ينتقل الإنتاج إلى تركيا، حيث يمكن الوصول إلى خطوط الأنابيب الأذربيجانية.

وبعد صدور أرقام تشير إلى توجه الاقتصاد الألماني نحو الركود، خلال الفصل الثاني من السنة، يرى الخبراء أنّ “المشكلة لا تقتصر على وضع ظرفي، بل أنّ النموذج الاقتصادي للقوة الاقتصادية الأولى في أوروبا هو الذي يتعثر”.

وتابعت “بلومبرغ”، من جانبه، صرّح رئيس وزراء ولاية ساكسونيا، مايكل كريتشمر، وهو من المحافظين المعارضين بأنّ “النظام الاقتصادي الألماني يواجه خطر الانهيار”.

كريتشمر قال لصحيفة “دي تسايت”: “إذا لم نتوخَ الحذر، فقد تتحول ألمانيا إلى دولة غير صناعية”، مكرراً دعوته إلى “تجميد” الحرب، و”قبول التقدم العسكري لبوتين”.

وعلى الرغم من “دعم غالبية الألمان لأوكرانيا”، على حد تعبير “بلومبرغ”، و”موافقة نصفهم تقريباً على دعم كييف على الرغم من ارتفاع تكاليف الطاقة”، بيّن استطلاع للرأي أجرته “بوليسي ماترز”، لصحيفة “دي تسايت”، أنّ نقاداً مثل كريتشمر يمكن أن يكتسبوا زخماً مع انخفاض درجات الحرارة، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الضغط على شولتس.

فقد بدأت إدارته للتو، على الرغم من مرور أشهر على اندلاع الأزمة، في نشر هدف خفض الطلب بنسبة تصل إلى 20%، وفي علامةٍ على الإلحاح المتزايد، رفعت مؤخراً من الحد الأدنى المستهدف لتخزين الغاز، ليصبح أعلى بـ 15% من المستويات على مستوى الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت “بلومبرغ” أنّ ألمانيا تحتاج الآن إلى الدعم لأنها لم تتبع إرشادات الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر الطاقة، ما يهدد بإعادة فتح خطوط الصدع القديمة في الاتحاد، إذ قال بعض المسؤولين، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، إن ذكريات الأزمة المالية، عندما ألقت برلين محاضرة على الدول الأعضاء في الجنوب بشأن ديونهم، لا تزال حية للغاية.
ولفتت “بلومبرغ” إلى أنّه “على الرغم من أنّ إيطاليا كانت تعتمد على روسيا في أكثر من نصف إمداداتها من الغاز، تحركت على نحوٍ أسرع لتأمين مصادر طاقة بديلة من دول مثل الجزائر وقطر، ومكنتها محطاتها من استيراد شحنات الغاز الطبيعي المسال”.

أما ألمانيا “فقد وجدت نفسها في وضع أكثر إحكاماً بسبب كمية التدفئة والطلب الصناعي ومستويات التخزين المنخفضة”.

وتعمل البلاد الآن فقط على تطوير البنى التحتية للغاز الطبيعي المسال، لكن المحطة العائمة الأولى، وفقاً لشركة الطاقة الألمانية العملاقة “يونيبر” (التي تحصل على حزمة مساعدات من الحكومة بمقدار 17 مليار يورو لمنع تفاقم الأزمة إلى قطاعات الصناعة الأوسع)، لن تكون جاهزة في الوقت المناسب للمساعدة هذا العام، كما كانت تأمل الحكومة”.

وأشارت “بلومبرغ” إلى أنّه في لودفيغ شافن، وهي مركز صناعي على نهر الراين، يُراجع المسؤولون البنية التحتية الحيوية التي يمكن أن تظل مفتوحة في أسوأ السيناريوهات. كما يفكرون في تحويل الساحة البلدية، التي تستضيف عادةً الفعاليات الموسيقية وحتى عروض الكلاب، إلى “واحة دافئة”، مع مساحات لمئات الأشخاص للهروب من البرد لساعات في كل مرّة.

وصرّح عمدة لودفيغ شافن: “نحن ندرك أنّ الكثير من الناس قلقون في الوقت الحالي، ونحن نأخذ هذه المخاوف على محمل الجد”، متابعاً: “يمكن للجميع فعل شيء من تلقاء أنفسهم، وتوفير الطاقة حيثما أمكن ذلك. فكل كيلو واط في الساعة نوفره الآن سيساعدنا في فصلي الخريف والشتاء”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة