ألمانيا: انطلاق مفاوضات لتشكيل إئتلاف حكومي غير مسبوق
بعد عشرة أيام من الانتخابات التي فاز بها بصعوبة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، تتكثف المفاوضات في الكواليس في ألمانيا لتشكيل ائتلاف حكومي جديد بين الخضر والليبراليين والاشتراكيين في خطوة تستبعد المحافظين. فيما لم يتخل الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة أرمين لاشيت الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، عن محاولة تشكيل ائتلاف ثلاثي والاحتفاظ بالمستشارية بعد طي صفحة ميركل. في المقابل، أعرب لاشيت الخميس عن استعداده للتنحي عن رئاسة الحزب المحافظ الذي تنتمي إليه أنغيلا ميركل بعد الخسارة الكارثية في الانتخابات الأخيرة.
في خطوة قد تفضي إلى سابقة في ألمانيا منذ عام 1950، بدأ الاشتراكيون الديمقراطيون وحزب الخضر والليبراليون الخميس محادثات أولى لمحاولة تشكيل ائتلاف غير مسبوق بدون مشاركة المحافظين، على الرغم من أن زعيمهم أرمين لاشيت لم يعترف بعد بهزيمته لكنه أعرب عن استعداده للتنحي من رئاسة الحزب المحافظ.
وأعلن حزب الخضر الألماني الأربعاء عن رغبته في تشكيل ائتلاف مع الاشتراكيين الديمقراطيين الذين حلوا في الطليعة في الإنتخابات التشريعية التي جرت في 26 أيلول/سبتمبر، والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي.
بعيد هذا الإعلان، قال الحزب الاشتراكي الديمقراطي إن مناقشات أولى بين الأحزاب الثلاثة الخميس لتشكيل ائتلاف.
وقالت أنالينا بيربوك التي تشارك في رئاسة حزب دعاة حماية البيئة في مؤتمر صحافي “توصلنا إلى استنتاج مفاده أنه من المنطقي الآن مواصلة النقاش مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر مع بحث أعمق عن أرضية مشتركة”.
واستبعد “الخضر” الذين احتلوا المركز الثالث في الاقتراع الذي طوى صفحة أنغيلا ميركل في ألمانيا، تشكيل تحالف مع الديمقراطيين المسيحيين في الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي الذي جاء في المرتبة الثانية في الانتخابات.
وتشكيل ائتلاف مكون من ثلاثة أحزاب سيكون سابقة في ألمانيا منذ العام 1950، وبحكم طبيعته أقل استقرارا من تحالف مؤلف من حزبين.
في الواقع، تبدو المحادثات متوترة بين أحزاب تختلف بشأن مواضيع كثيرة، خصوصا حول الضرائب، إذ إن الليبراليين يعارضون زيادة الضرائب الأمر الذي يريده الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
لا اتفاق بعد
في أعقاب ذلك، تلقف الليبراليون من الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي اليد الممدودة من حزب الخضر، على الرغم من أنهم لم يخفوا في الأسابيع الأخيرة توجههم نحو تشكيل ائتلاف مع المحافظين.
واقترح الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي على الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر عقد لقاء الخميس لبدء محادثات أولى بهدف رسم ملامح حكومة مقبلة “وسطية تقدمية”، بحسب زعيم الليبراليين كريستيان ليندنر.
قبِل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الاقتراح، بهدف استعادة منصب المستشارية للمرة الأولى منذ خروج غيرهارد شرودر العام 2005. وقال زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس، “لقد منحنا المواطنون تفويضا لتشكيل حكومة معا”، مرحبا بقرار الحزبين.
غير أن هذه المحادثات الأولى لا تعني أن ائتلافا “ثلاثي الألوان” (في إشارة إلى ألوان الأحزاب الثلاث) سيتشكل بين الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر والليبراليين، وأن أولاف شولتس سيخلف أنغيلا ميركل، التي تتولى منصب المستشار منذ 2005.
وقال هابيك إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد.
لكن لندنر أشار إلى أن ائتلافا ثلاثيا مع الخضر والحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه ميركل، لا يزال أيضا “خيارا قابلا للتطبيق فيما يتعلق بالمحتوى”.
“درس” واستعداد للتنحي
لم يتخل الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة أرمين لاشيت الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، عن محاولة تشكيل ائتلاف ثلاثي والاحتفاظ بالمستشارية.
وقال لاشيت، وهو صحافي سابق يبلغ 60 عاما، إنه يحترم قرار الخضر والحزب الديمقراطي الحر، بإعطاء الأولوية لمحادثات مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي. لكنه أعاد التأكيد على أنه “مستعد” لإجراء محادثات مع هذين الحزبين الصغيرين اللذين وصفهما بأنهما “صانعي المستشار”.
وأعرب لاشيت الخميس عن استعداده للتنحي عن رئاسة الحزب المحافظ الذي تنتمي إليه أنغيلا ميركل بعد الخسارة الكارثية في الانتخابات الأخيرة. وتعرض أرمين لاشيت (60 عاما) لضغوط شديدة للاستقالة بعدما قاد المحافظين إلى أسوأ نتيجة انتخابات منذ الحرب العالمية الثانية، وخسارته أمام حزب الديمقراطيين الاشتراكيين من يسار الوسط.
وغداة قرار حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي السعي إلى تحالف مع الاشتراكيين الديمقراطيين وهو أمر يقرب وزير المال الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس خطوة من المستشارية، قال لاشيت إن قيادة حزبه المحافظ يحتاج إلى إصلاح شامل.
وقال لاشيت لصحافيين “سنتعامل بسرعة مع مسألة الفريق الجديد في الاتحاد المسيحي الديمقراطي، من رئيس الحزب مرورا بقيادته وصولا إلى لجنته التنفيذية الفدرالية” موضحا أنه سيقترح موعدا لعقد مؤتمر عام للحزب لإيجاد تسوية لهذه القضايا.
وأضاف “منذ انسحاب أنغيلا ميركل من رئاسة الحزب، كان لدينا نقاش مستمر” حول قيادة الحزب. وبحسب صحيفة بيلد اليومية، يمكن عقد المؤتمر خلال النصف الأول من كانون الأول/ديسمبر في دريسدن (شرق).
المصدر: فرانس ٢٤