حلم الهجرة لأوروبا تحول كابوسا.. سوريون غادروا لبنان “ليُختطفوا” في ليبيا

22 سبتمبر 20211٬150 مشاهدةآخر تحديث :
حلم الهجرة لأوروبا تحول كابوسا.. سوريون غادروا لبنان "ليُختطفوا" في ليبيا
حلم الهجرة لأوروبا تحول كابوسا.. سوريون غادروا لبنان "ليُختطفوا" في ليبيا

ألمانيا بالعربي

حلم الهجرة لأوروبا تحول كابوسا.. سوريون غادروا لبنان “ليُختطفوا” في ليبيا

اختلف أعضاء عصابة التهريب بين بعضهم، فقامت مجموعة منهم باختطاف مهاجرين سوريين واقتيادهم إلى طرابلس. المُختطفون يقبعون الآن في مكان مجهول، يتصلون بعائلاتهم، بإيعاز من الخاطفين، يطلبون المزيد من الأموال وإلا القتل سيكون مصيرهم. عند التواصل مع عائلة أحد هؤلاء المخطوفين، والده روى لنا جزءا من معاناة ابنه والرعب الذي يعيشه يوميا.

“لم نذق طعم النوم منذ أكثر من 25 يوما. القلق يأكلنا خوفا على حياة ابني وإحساسنا بالعجز تجاهه”. بهذه العبارات تحدث والد خالد.

الرجل المقيم مع عائلته في لبنان منذ 2013، استيقظ في أحد الأيام ليجد رسالة على هاتفه من ابنه البكر، يخبره فيها أنه لم يعد يحتمل الحياة في ظل الأوضاع الراهنة في لبنان، فقرر أن يجرب حظه مع آخرين بالهجرة.

“قرأت الرسالة عدة مرات، لم أصدق في البداية. اتصلت بزوجته التي أكدت لي أنه لم يعد للمنزل منذ الليلة الماضية. لم يكن بيدي حيلة سوى انتظار رسالة أو هاتف منه ليخبرني أنه بخير”.

منتصف آب/أغسطس الماضي، قرر خالد و13 شخصا آخر (جميعهم سوريين) تجربة حظهم مع الهجرة عبر ليبيا. أحد أفراد المجموعة كان قد تواصل مع مهرب سوري في ليبيا عبر وسائل التواصل، واتفق معه على كافة التفاصيل.

“دفع كل منهم 2,350 دولارا أمريكيا (حوالي 2000 يورو) لقاء تهريبه إلى أوروبا”، يقول والد خالد، “وثقوا بذلك المهرب كونه تربطه علاقة قربى مع أحدهم. غادروا من مطار بيروت إلى مطار بنغازي بشكل شرعي، استقبلهم المهرب وأخذهم إلى شقة حيث كان بانتظارهم أشخاص آخرون”.

عملية الاختطاف

بغصة الوالد الحزين والعاجز عن مساعدة ولده، يكمل الرجل تفاصيل ما جرى مع ابنه، “10 أيام أمضاها الشباب في تلك الشقة بانتظار أن يتم نقلهم إلى طرابلس ووضعهم على متن أحد القوارب. لكن رياح الواقع لم تجر بما اشتهته أمنياتهم، فقد اشتبك المهربون مع بعض، والسوري الذي كان سمسار العملية اختفى. مجموعة من المهربين اختطفت الشبان بقوة السلاح، وتركت زعيم المجموعة وحيدا”.

تفاصيل ما حصل مع خالد ورفاقه استقاها والده من زعيم عصابة التهريب، الذي ثار عليه أعضاء المجموعة وخطفوا الشبان من شقته تحت تهديد السلاح. “الرجل يتواصل معنا بشكل شبه يومي، يتواصل مع معظم عائلات المجموعة. يحلف ويقسم بأنه لا دخل له بما حصل، وأنه عازم على إنقاذ الشبان. طبعا ليس من بيننا من يصدق هذا الكلام. زودنا بتفاصيل حول حياتهم اليومية قبل أن يتم اختطافهم، ووعدنا بأنه لن يترك الأمر وبأنه سيتواصل مع الشرطة لينقذهم”.

تم الحصول من والد خالد ومن أهالي شبان آخرين من المجموعة على تسجيلات صوتية للمحادثات التي كانوا يجروها مع هذا المهرب ومع الآخرين، الخاطفين. كما يوجد أسماء بعض أعضاء تلك المجموعة، ومن بينهم أشخاص من جنسيات أفريقية غير ليبية.

التسجيلات احتوت على محادثات وصفت واقعا مرعبا. فبعد اختطافهم، طلب الخاطفون منهم التواصل مع عائلاتهم وطلب المزيد من الأموال منهم.

“سبعة آلاف دولار وإلا…”

يقول والد خالد “الاتصال الأول حصل بعد الخطف مباشرة، كان الشبان يتصلون بعائلاتهم، الواحد تلو الآخر، من هاتف زودهم به الخاطفون. طلبوا منا تأمين مبلغ سبعة آلاف دولار أمريكي (حوالي ستة آلاف يورو) عن كل شخص مقابل الإفراج عنهم. بعدها بأيام قليلة وردتنا نفس الاتصالات، خالد قال لي إنهم يهددون بتعذيبهم وتقطيع أوصالهم إذا لم ندفع. قلنا لهم إننا كعائلات لا نملك هذه المبالغ، خاصة مع الظروف الحالية التي يمر بها لبنان، ليردنا اتصال بعد بضعة أيام رفعوا فيه الفدية إلى عشرة آلاف، وهددونا بقتل أبنائنا”.

الخاطفون زودوا عائلات الشبان برقم حساب مصرفي في دبي، طلبوا منهم تحويل الأموال عبره، لكن العائلات، ومن بيها عائلة خالد، قالت إنها لا تملك ذلك المبلغ. “آخر اتصال وردني من خالد كان صوته متهدجا خلاله، التعب والألم واضحين من نبرته. قال لي إنهم يضغطون عليهم بشكل دائم، لا يأكلون سوى مرة واحدة في اليوم ومياه الشرب شبه مقطوعة. أخبرني أن أحد الشبان وضعه صعب للغاية، هو مريض بالسكري ويحتاج للعلاج لكن الخاطفين منعوا عنه أي دواء. شاب آخر كسرت يده وأصابع قدميه الاثنين، بات غير قادر على الحراك وهناك خوف جدي على حياته”.

ظروف احتجاز الشبان تشبه إلى حد بعيد ظروف المهاجرين المحتجزين في باقي المراكز والسجون المعروفة، لكنهم مختطفون لدى مجموعة مسلحة ومحتجزون في مكان مجهول. الخوف على مصيرهم يتعاظم مع مرور كل ساعة إذا لم تتحرك السلطات للكشف عن موقعهم وإنقاذهم.

“لم أتلق أي اتصال من خالد منذ أكثر من أسبوع”، يقول الوالد، “أحد أصدقائه اتصل بعائلته، يسكنون بالقرب منا، طلب منهم أن يقولوا لنا أن خالد تعرض لضرب مبرح، حنكه مفكوك وهناك شكوك بأن الضرب قد آذى مناطق أخرى في جسده”.

يضيف “أقسم أنني أحاول يوميا إيجاد من أستدين منه المبلغ، لست وحدي، جميع العائلات تقوم بذلك، لكن من أين لنا أن نحضر مثل ذلك المبلغ الذي بات يعتبر ثروة هائلة الآن في لبنان؟ لا يمكن لأي كان أن يتخيل إحساس والد بالعجز عن إنقاذ ابنه، ومشاعر أم غارقة بدموعها وحزنها وذكريات ولدها تنظر حولها طلبا للمساعدة”.

معاناة مشتركة

وحتى تاريخ إعداد هذا المقال، لم يحصل أي تغير في أوضاع الشبان المختطفين. وفي تسجيل جديد لأحد المختطفين مع عائلته في لبنان، يستجديهم تأمين الأموال والعائلة تستجديه الرأفة بحالهم فهم لا يملكون المبلغ. والدة الشاب في نهاية التسجيل لم تملك سوى أن تقول لابنها أن يحافظ على إيمانه ورباطة جأشه، مراهنة على أن يقوم الخاطفون بإطلاق سراحه بعد أن يقتنعوا بأنهم لا أمال لديهم.

ومثل هؤلاء الشبان، يقبع المئات من المهاجرين السوريين في سجون مختلفة في ليبيا، مثل الزاوية وغوط الشعال، في ظروف وصفتها منظمات إنسانية بـ”غير إنسانية”. وكان معظم هؤلاء قد وصل ليبيا عبر مطار بنغازي، بهدف الهجرة إلى أوروبا عبر القوارب المنطلقة من السواحل الشمالية للبلاد. بعض هؤلاء قال إن الهجرة عبر ليبيا باتت “أرخص وأقل تكلفة” بالمقارنة مع طريق تركيا، لذا باتت وجهة جذابة لطلاب الهجرة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة