تحليل: هل تحمل الانتخابات تحولا في مشاركة مسلمي ألمانيا؟

18 سبتمبر 2021930 مشاهدةآخر تحديث :
تحليل: هل تحمل الانتخابات تحولا في مشاركة مسلمي ألمانيا؟

ألمانيا بالعربي

تحليل: هل تحمل الانتخابات تحولا في مشاركة مسلمي ألمانيا؟

يعيش في ألمانيا حوالي خمسة ملايين ونصف مليون مسلم، يحق لنصفهم المشاركة في الانتخابات العامة التي تجري يوم 26 سبتمبر/ أيلول الحالي 2021، لكن معدل مشاركتهم في الانتخابات السابقة كان ضعيفا مقارنة بالمعدل العام للمشاركين من المجتمع الألماني. وطبقا للقوانين الألمانية يشارك المواطنون في الانتخابات العامة (البوندستاغ) وانتخابات برلمانات الولايات، فيما تقتصر مشاركة المهاجرين (الذين لا يحملون الجنسية الألمانية) على الانتخابات المحلية.

بيد أن السياق الذي تجري فيه الانتخابات هذا العام تحمل متغيرات عديدة سواء فيما يتعلق ببروز اهتمام متنام لدى فئات من الناخبين المسلمين بالمشاركة في العملية الانتخابية، أو بحضور قضايا تهم وضع الاسلام وحياة المسلمين بألمانيا في برامج الأحزاب الانتخابية.

فهل ستشكل الانتخابات المقبلة تحولا في تاريخ مشاركة المسلمين في الحياة السياسية بألمانيا؟ وما هي العوامل التي يمكن أن تكون مؤثرة في هذا الاتجاه؟

منعطف تاريخي؟

غالبا ما يرصد المهتمون بأوضاع المسلمين ودور الإسلام في ألمانيا ظهور مقولة “الإسلام جزء من ألمانيا” التي أطلقها الرئيس الأسبق كريستيان فولف في ذكرى عيد الوحدة في اكتوبر/ تشرين أول 2010، كمؤشر على تحول في نظرة المجتمع الألماني للمسلمين واعترافه بدورهم واندماجهم، على الأقل على مستوى نظرة الإعلام وتصورات فئات من المجتمع الألماني. إلا أن سنة 2015 ستسجل كمنعطفا مهما على المستويين السوسيولوجي والسياسي في تاريخ ألمانيا وأوضاع المهاجرين بها وخصوصا المنتمين لبلدان مسلمة.

فقد كان لقرار المستشارة أنغيلا ميركل التاريخي باستقبال مليون ونصف المليون لاجئ معظمهم من سوريا، تأثير ملموس على البنية الديمغرافية للسكان في ألمانيا ولاسيما المنحدرين منهم من أصول مهاجرة. إذ قفز عدد المسلمين في البلاد بحوالي 20 في المائة، كما تضاعف عدد المهاجرين المنحدرين من منطقة الشرق الأوسط، مقابل تراجع نسبة الأتراك من عدد السكان المسلمين الإجمالي في ألمانيا من 67 إلى 50 في المائة، بحسب احصاءات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (بامف BAFM).

بيد أن فترة سياسة الترحيب باللاجئين من بلدان مسلمة شهدت تصاعد موجات العداء للأجانب وللإسلام، وظهر ذلك في مرحلة أولى من خلال احتجاجات واسعة في الشوارع خاضتها حركة “بيغيدا”، اختصار “وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب”، وفي مرحلة ثانية اتخذت شكلا منظما داخل المشهد السياسي عبر حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي الذي حقق اختراقات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية في انتخابات برلمانات الولايات وفي البوندستاغ سنة 2017.

ورغم تأثير قضايا الهجرة وأوضاع المسلمين على أجواء الانتخابات السابقة فان نسبة المشاركة والترشيحات من سياسيين من أصول مسلمة كانت محدودة، الا أن التأثير الأعمق ربما يأخذ مداه في الانتخابات الحالية سواء على مستوى الجاليات المسلمة أو على مستوى حجم اهتمام المرشحين والأحزاب بهذه القضايا.

مبادرات جديدة

المتتبعون لأجواء الحملة الانتخابية هذه المرة في ألمانيا، يرصدون فعاليات ومبادرات جديدة. فعلى مواقع التواصل الاجتماعي وهيئات المجتمع المدني النشيطة في أوساط الناخبين من أصول مهاجرة ومسلمين، تطلق شخصيات ومنظمات مبادرات وفعاليات لتشجيع هذه الفئة من الناخبين على المشاركة بكثافة في اقتراع يوم 26 سبتمبر/ أيلول الجاري 2021.

ففي مؤشر على انخرط اتحادات وهيئات إسلامية مؤثرة، أطلق المجلس الأعلى للمسلمين في بداية السنة الحالية حملة تحت شعار “صوتي يؤثر” ويدعو من خلالها عبر الندوات ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، المواطنين المسلمين إلى المشاركة المكثفة في انتخابات البوندستاغ.

كما أطلقت ناشطات مسلمات حملة عنوانها “كل صوت له أهميته” تهدف إلى تحفيز النساء المسلمات بشكل خاص على المشاركة في التصويت. وتقول نعيمة نيازي مديرة مبادرة “من أجل مشاركة أكبر للمرأة المسلمة”، في حوار للقناة الألمانية الأولى بشمال ألمانيا (إن دي إر) إن مسؤولية الأحزاب كبيرة في تشجيع المسلمات على المشاركة في الانتخابات، وتقترح أن يتم التركيز في البرامج الانتخابية على قضايا معينة تشغل اهتمام هذه الفئة من الناخبين، مثل دور الأسرة في الرعاية الاجتماعية واعتراف الدولة بالمجتمعات المسلمة وتوسيع حقوق التصويت للأجانب، وترى بأن هذه القضايا تهم المسلمين أكثر من غيرهم من سائر المواطنين ذوي الخلفيات المهاجرة.

ويشكل حضور وجوه شبابية ونسائية من أصول عربية ومسلمة في لوائح مرشحي عدد من الأحزاب، مؤشرا جديدا على الاهتمام المتزايد الذي توليه تلك الأحزاب لكسب أصوات الناخبين من أصول مهاجرة. فقد ترشحت على لوائح حزب الخضر الباحثة والناشطة الليبرالية لمياء قدور (من أصل سوري). وعلى لوائح الحزب الاشتراكي الديمقراطي ترشحت الناشطة (من أصل مغربي)، سناء عبدي. وأعادت أميرة محمد علي (من أصل مصري) رئيس كتلة حزب اليسار النيابية، ترشيح نفسها في الانتخابات الحالية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة