ألمانيا- “العشائر العربية الإجرامية”.. الحقيقة والأحكام المسبقة!

30 أغسطس 20211٬209 مشاهدةآخر تحديث :
ألمانيا- “العشائر العربية الإجرامية”.. الحقيقة والأحكام المسبقة!

ألمانيا بالعربي

ألمانيا- “العشائر العربية الإجرامية”.. الحقيقة والأحكام المسبقة!

مصطلح “العائلات العربية الكبيرة” إشكالي وحوله خلاف كبير في ألمانيا. ماذا يعني ذلك وما حقيقة ما ينسب إليها والأحكام المسبقة بحق أفرادها؟ دراسة حديثة حول ذلك توصلت إلى نتائج محددة. فما حقيقة الأمر؟

“عائلة رمو التي تسكن في برلين، وذات أصول عربية مهاجرة، جزء منها ينسب إلى العائلات الإجرامية”: هكذا يبدأ مقال مفصل عن هذه العائلة في موقع “ويكيبيديا”. ومنذ حادثة “القبو الأخضر” في متحف دريسدن عام 2019 وسرقة تحف فنية لا تقدر بثمن، أصبح اسم هذه العائلة “رمو” معروفا جدا في وسائل الإعلام الألمانية، واعتقال أي فرد منها يصبح عنوانا للصحف مثل صحيفة “بيلد” الشعبية الواسعة الانتشار والتي كان أحد العناوين الرئيسية لعددها الصادر في 19 آب/ أغسطس 2021: “اعتقال فرد من عائلة رمو في برلين”.

وكل من يحمل هذا الاسم “رمو” سواء أكان من هذه العائلة أم لا أو على صلة قرابة مع أحد المشتبه بهم أم لا، فإنه يواجه مشاكل. ويقول الباحث السياسي محمود جرابعة “كُتب الكثير عن هذه العائلة، ولكن في الحقيقة هناك أكثر من عائلة تحمل هذا الاسم في ألمانيا”. ويجري جرابعة منذ سنوات أبحاثا عما يعرف بـ “ظاهرة العشائر والعائلات الكبيرة”، وقد أعد مؤخرا دراسة عن ذلك. ويرى أن مثلا رمو نموذجا لذلك: إذ أنه “إشكالي جدا” رسم صورة للمشهد الإجرامي اعتمادا على اسم العائلة أو على أساس الأصل القومي: عربي، كردي أو تركي!

أيضا الباحثة في علم الإجرام، دانيلا هونولد، ترفض تصنيفات مثل “العشيرة” أو “عائلة كبيرة”، لأن ذلك يقود إلى التركيز على مجموعة إثنية معينة وبالتالي يؤدي إلى التمييز. وإذا تم استخدام مصطلح “العشيرة” بالمعنى الواسع للكلمة، يستطيع المرء سحبها على كل الهياكل الاجتماعية الممكنة بعيدا عن الإشارة إلى أي مكون إثني. وتقول هونولد “يمكن الإشارة إلى عائلة شليكر الألمانية كعشيرة/ عائلة كبيرة، والتي كانت متورطة بأنشطة إجرامية معينة”.

أحكام مسبقة اعتمادا على الاسم

رجل الأعمال الألماني المعروف، أنطون شليكر، مؤسس سلسلة عالمية لمحلات العطارة وبيع مواد النظافة والعناية “شليكر”، تم الحكم عليه عام 2017 بالسجن عامين مع وقف التنفيذ، بعد إدانته بارتكاب جرم الإفلاس المتعمد. كما حكم على ابنه لارس وابنته مايكه بالسجن 33 شهرا. إن التاريخ المخزي لهذه العائلة “شليكر” الفاشلة، من غير المحتمل أن ينعكس بشكل سلبي على الذين يحملون نفس هذا الاسم الألماني ولا علاقة لهم بهذه العائلة وأفعالها.

لكن الأمر مختلف حين يتعلق الأمر بذوي الأصول المهاجرة واسم مثل “رمو”. ألكسندر فيرنر، مدرس علم الإجرام في المعهد العالي للشرطة والإدارة العامة بولاية شمال الراين ويستفاليا، يذكر مثالا آخر: اسم “ميري” الذي يتم ربطه بالجريمة المنظمة “ما يشير إلى حد ما وكأن كل العائلة مجرمة”، يقول فيرنر ويحذر من التسرع في الحكم، ويذكر عنوانا كمثال على ذلك: “رصاص في برلين- مجددا شجار بين العشائر”، وهو ما استخدمته وسائل إعلام كبيرة مرات عديدة، وفي النهاية حين سلم المجرم نفسه تبين أنه “ألماني بحت” أبا عن جد، يقول فيرنر.

“نعم أنا مجرم”!

لكن الباحثان ألكسندر فيرنر ودانيلا هونولد، لا يتوانيان عن الإشارة إلى الهياكل العائلية في الوسط الإجرامي لذوي الأصول المهاجرة. وهذا ما يشير إليه الباحث محمود جرابعة بوضوح، والذي يقول في دراسته “قابلت أشخاصا متورطين في أنشطة إجرامية أو يرونها (الجريمة) مهنة لهم” ويقول احدهم بفخر “أنا مجرم”، ويرى بعض هؤلاء أن الابتزاز وأخذ المال مقابل “الحماية”، هو مثل الأجور التي تتقاضها شركات الأمن الخاصة مقابل الحماية التي توفرها!

ويشير جرابعة في دراسته إلى أن أقلية صغيرة من أفراد العائلات الكبيرة متورطة في الجريمة ولديها تصورات إجرامية. وهذه الأقلية تحظى باهتمام الإعلام والسلطات الرسمية! “وبالتالي هناك تباين واضح بين أفراد العائلات الكبيرة الذين ارتكبوا فعلا جرائم، ورد فعل وتصنيف وسائل الإعلام والشرطة”.

ازدياد التعاون مع الشرطة

ضابط الشرطة والمدرس الأكاديمي، ألكسندر فيرنر، يؤكد هذه النتيجة، ولكنه يناقض الأمر السائد بأن العائلات الكبيرة والعشائر في عزلة شديدة، ويقول إن “العزلة” في تراجع مستمر. وحسب متابعته، فإن التعاون مع الشرطة إيجابي وفي تقدم مستمر بولاية شمال الراين ويستفاليا أيضا، ويقول “هناك تقريبا يوميا بلاغات من أفراد الجماعة ضد أفراد آخرين من نفس الجماعة” فهناك إذن شهود عيان من نفس الوسط.

وأعرب محمد شحرور من مبادرة “لا شبهة عامة” في برلين، عن ارتياحه لنتائج الدراسة الحديثة، ولكنه يرى أنه لا يزال هناك مجال لمزيد من التطور الإيجابي. وهو يعرف ماذا يعني تصنيفك بسبب مظهرك، وقد خبر ذلك بنفسه حين كان مراهقا، إنه كان يرغب حين ذاك أن يصبح شرطيا، لكنه تخلى عن الفكرة، لأن أحدهم قال “علي أن أغير اسمي أو أذهب إلى ولاية أخرى”.

ويسمع شحرور من خلال عمله التطوعي بشكل دائم قصصا عن التمييز، وقد أشار إلى ذلك هو أيضا في شهر مايو/ أيار الماضي لدى تقديم “تقرير الحقوق الأساسية لعام 2021” في برلين، وهو عبارة عن جردة حساب نقدية حول مثالية وواقع الدستور في ألمانيا.

ويأمل شحرور بعد نشر الدراسة الحديثة عن “العشائر” أن يكون لها “انعكاس على السياسة” أيضا، حيث أصبح الآن هناك سند علمي “للنقاش المشحون بالمشاعر والمزاجية” حول مصطلح “العشيرة” الذي يقوم على أساس ضعيف وكل الأمر “غامض وغير ممكن” أصلا، يقول محمد شحرور (27 عاما) اللبناني الأصل المولود في برلين.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة