ألمانيا: “البيروقراطية والقانون” يعرقلان لم شمل أسر اللاجئين! (تطورات جديدة)

24 مارس 2021958 مشاهدةآخر تحديث :
لم الشمل
لم الشمل

تركيا بالعربي

ألمانيا: “البيروقراطية والقانون” يعرقلان لم شمل أسر اللاجئين! (تطورات جديدة)

تعيش أسر لاجئة شتاتاً أسريا أليماً، ولا يتعلق الأمر بالبالغين فقط، بل يتجاوز ذلك لفراق أطفال قاصرين عن أهاليهم. مهاجر نيوز يبحث تأثير العمل بقانون لم الشمل في حالة أسرة لاجئة تتمتع بحق الحماية الثانوية في ألمانيا.

“لم أعرف أن فراقي عن ابني الأصغر قد يدوم كل هذا الوقت وإلا ما كنت قد أتيت أبداً إلى ألمانيا”، هكذا تعبر أميرة، أم الطفل حسن البالغ من العمر 13 سنة، عن ألمها لاضطرارها الاختيار بين العيش مع واحد من أبنائها في انتظار التحاق الآخر بالأسرة، دون أن تتخيل أن فراقها عنه سيدوم أكثر من سنة.

بدأت القصة التي ترويها الأم والأب في اتصال مع مهاجر نيوز، عندما اضطرت الأسرة الكردية السورية لتهريب ابنها البكر محمد من مدينة قامشلي السورية، خوفا عليه من التجنيد الإجباري بعدما بلغ من العمر 16 سنة. هروباً من أهوال الحرب وحفاظاً على حياة أخيه الأصغر، نزحت الأسرة إلى إربيل عاصمة إقليم كردستان العراق لتستقر لفترة في مخيم اللاجئين السوريين هناك “دوميز”.

بعد رحلة لجوئه من سوريا إلى ألمانيا مروراً بتركيا واليونان، استقر الابن الأكبر للأسرة في مدينة لايبزيغ وهو بعمر 17 سنة، وتقدم بطلب للم شمل أسرته.بعد انتظار لمدة طويلة ، تقدمت الأسرة بطلبها لتجتمع بالابن الذي غادرها قاصراً، فقُبل طلب الأب والأم ورُفض طلب أخيه الأصغر، بدعوى أنه ليس من حق الأخ التكفل بأخيه، إلا إذا تمكن الأخ اللاجئ من ضمان التكفل بمصاريف وسكن أخيه.

خُيرت العائلة بين البقاء مع ابنها في مخيم اللاجئين أو الالتحاق بالآخر في ألمانيا، فقررت بعد إقناع العديد من الأقرباء لهم، ترك الابن الأصغر لدى أقاربهم في المخيم والبدء بإجراءات لم شمله فور وصولهم إلى ألمانيا. بعد حصولهم على حق الحماية الثانوية في فبراير/ شباط 2020، بدأوا المعاملات الإدارية، ولم يتوقعوا أن الأمر سيتجاوز سنة من الانتظار لأجل بدأ إجراءات لم شمل الابن القاصر “حسن”.

الطفل حسن علي، الابن الأصغر للأسرة، اضطرت أسرته لتركه مع أقرباء في مخيم للاجئين في إقليم كردستان، في انتظار إنهاء إجراءات لم شمله.

الطفل حسن علي، الابن الأصغر للأسرة، اضطرت أسرته لتركه مع أقرباء في مخيم للاجئين في إقليم كردستان، في انتظار إنهاء إجراءات لم شمله.

تقول الأم “ظننت أنه سيأتي بعدنا مباشرة كما أوضح لنا البعض، نتواصل معه بالهاتف دائماً لكن وضعه سيء جدا، لا أتمكن حتى من إتمام كلامي معه بدون أن نبكي معاً، فهو في عمر صغير لا يتحمل البقاء دوننا”، طرقت الأسرة باب منظمة كاريتاس وجمعيات أخرى من أجل أن جلب ابنهم بسرعة، “بعثنا مراسلات للقنصلية والمنظمات والكل يرد بأن كل شيء مقفل بسبب كورونا”.

تتمنى الأسرة أن يصل الابن الأصغر في أقرب فرصة، ليعيش في كنف عائلته، ويتلقى علاجاً نفسياً ينسيه “أوجاع فراقه عنا في سن صغير”، يقول الأب، الذي تلقى رسالة من منظمة الهجرة الدولية مؤخرا، بشأن تحديد موعد للابن الصغير “حسن” في الـ 27 أبريل/ نيسان 2021 لتقديم طلب لم شمله مع والديه تحت إشراف واحد من أقربائهم.

القانون والبيروقراطية.. سبب معاناة اللاجئين

حصل مهاجر نيوز على تقرير عملي ورأي قانوني حول قانون لم شمل الأسرة للمستفيدين من الحماية الثانوية صادر عن منظمتي JUMEN و PRO ASYL، بعنوان “العائلات الممزقة”. دقق التقرير في المعاناة التي تعيشها عائلات لاجئة من مختلف البلدان مثل عائلة مروان علي، هربت من بلدان تعيش حروباً دامية وأوضاعاً مزرية.

خلص التقرير إلى استنتاج “مرير” بشأن موضوع لم شمل الأسرة بالنسبة للمستفيدين من الحماية الثانوية، وكشف عقبات غير دستورية في القانون المعتمد لهذه الفئة، أدت إلى “تشتت آلاف العائلات بشكل دائم منذ سنوات، وليس لدى الكثير منها أي فرصة على الإطلاق للالتقاء” حسب ملخص التقرير. ويذكر أن اللاجئين السوريين والإريتريين أكثر المتضررين من القيود المفروضة على لم الشمل، ممن لا يمكنهم العودة إلى بلدانهم للعيش معًا كعائلة.

وهو حال أسرة مروان علي التي تركت طفلا قاصراً في مخيم للاجئين. كما للأسرة ابنة متزوجة لاجئة في تركيا وأخرى ماتزال في سوريا، لا تستطيعان لقاء باقي أفراد الأسرة في ألمانيا.

يشرح كريم الواسطي، خبير حقوقي معتمد لدى منظمة برو أزويل “Pro Asyl” ومشارك في إعداد التقرير، أنه منذ 16 مارس/ آذار 2016، قرر البرلمان الألماني (بوندستاغ) تعليق حق لم الشمل لمدة عامين، لعائلات اللاجئين الحاصلين على حق الحماية الثانوية.

حدث هذا بعدما اتفقت الأحزاب السياسية الألمانية الحاكمة على تمديد وقف لم الشمل لأصحاب الحماية الثانوية إلى بداية أغسطس/ آب 2018 على أن يصدر قانون لهذه الفئة، وحسب الواسطي، “في أول جزء من هذا القانون تحولت مسألة لم الشمل من حق قانوني إلى شيء فضفاض”، وحدد عدد المستفيدين في 1000 كحد أقصى شهريا. “لكن حتى هذا العدد الضئيل لم تستطع السلطات المختصة الإيفاء به، إذ تظهر الإحصائيات أن 64 بالمئة فقط من 1000 شخص تم قبول طلباتهم للم الشمل خلال 30 شهراً” حسب الواسطني.

الأطفال..لُب الأزمة

اعتبر الواسطني أن قصة افتراق أسرة مروان علي عن ابنهم القاصر، ما هي إلا نموذج لمختلف الحالات التي رصدها التقرير، مذكراً أنه من الضوابط التي تحدد وجود حالة إنسانية هو وجود الأطفال خاصة تحت سن الـ 14، لكن “في حالتهم لم يؤخذ الأمر بعين الاعتبار نهائياً، ورُفض طلب الابن بينما تمت الموافقة على طلب الوالدين، وهو أمر غير معقول”.

ثغرة قانونية قررت كل من ولايتا برلين وكيل سدها، بالسماح للأطفال القاصرين مرافقة الوالدين عند تقديمهم طلباً للم شملهم بالابن القاصر الواصل إلى ألمانيا قبلهم، بينما لم تحرك باقي الولايات ساكنا في الموضوع.

وفي نفس الصدد، ذَكر االواسطي أن فترة إيقاف وتجميد هذا القانون لسنتين، بين 2016 و 2018، أنتجت مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين فقدوا الحق في لم الشمل، من بينهم الأطفال الذين تجاوزوا السن القانوني خلال فترة الانتظار، صار خلالها عدد كبير من الأطفال راشدين، وفقدوا بذلك الحق في لم الشمل مع الوالدين، سواء منهم الواصلون إلى ألمانيا كلاجئين قاصرين غير مصحوبين، أو حالات كانت خارج ألمانيا بينما الوالدان داخلها، مثل قصة الأسرة المذكورة في التقرير.

حسب الخبير الحقوقي، لا يتماشى هذا القانون مع بنود “القانون الأساسي الألماني والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل”. ويوضح الواسطي “نحن أمام عملية بيروقراطية تواجه كل إنسان مهما كانت ظروفه، الأشياء التي يضمنها القانون لا يجب أن ترتبط بعدد معين، لأنه مهما كانت الحالة إنسانية، لا يمكنها الاستفادة من لم الشمل بسبب الحد القانوني العددي”.

وانتقد المتحدث الوضع قائلا “الحكومة والإدارت الألمانية لم تقم بالتحضير للتعامل مع الملفات بسرعة، كما أن التركيبة الإدارية لا تخدم الحالات الإنسانية، مما يسبب معاناة كبرى بسبب فترة الانتظار الطويلة لموعد تقديم الطلب التي تتراوح بين سنة وسنة ونصف”. معتبرا أن اللاجئين يعانون بسبب “آلية تطبيق غير ناجعة، وتقاعس الحكومة الألمانية للتدخل بفعالية ووقف العمل بهذا القانون الذي لا أمل في إصلاحه”.

وأشار المتحدث إلى أن تطبيق هذا القانون جاء بسبب “مآرب سياسية لتقنين وتقليل عدد الوافدين الهاربين من الحروب”، داعياً إلى ضرورة وقف العمل بهذا القانون”غير القابل للتعديل” معتبراً أنه يعاني من خلل كبير، خاصة حينما يكون سبباً في عدم أخذ الحالات الإنسانية بعين الاعتبار.

وفي إشارة منه إلى معاناة اللاجئين مع البيروقراطية الألمانية، قال الواسطي إن “ما تطلبه السلطات الألمانية من وثائق يعجز اللاجئون على توفيرها، هو بيروقراطية غريبة”، معتبرا أن عدم أخذ ظروف اللاجئين من بلدان الحروب بعين الاعتبار “خلل كبير”.

ماجدة بوعزة – مهاجر نيوز

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة